في زمن التقشف والبحث عن كيفيّة تخفيض التقديمات للبنانيين، من ضمنها بدل النقل اليومي، يتّجه سعر صفيحة البنزين صعودا بلا حسيب أو رقيب، فاليوم يبلغ سعرها 27400 لفئة الـ98 أوكتان، بينما يبلغ سعر برميل النفط العالمي 73 دولارا.
لا شكّ أن سعر النفط في لبنان يرتبط بسعره العالمي، ولكن بالعودة الى التاريخ نلاحظ أن لا تناسب بين الاثنين، اذ يكفي أن نقارن بين سعر الصفيحة 98 أوكتان في لبنان عندما كان 34 ألف ليرة لبنانية بظل سعر برميل النفط 147 دولار، وسعرها اليوم. فمن يحدد السعر؟!.
تُصدر وزارة الطاقة والمياه جدولا أسبوعيا كل أربعاء بأسعار المحروقات، يستند إلى فواتير المنشأ، التي تقدّمها الشركات المستوردة للنفط من دون أيّ تدقيق أو مراقبة بصحّة الفواتير وتواريخها، حيث تقوم الشركات بتحديد الأسعار عبر مناقصات أسبوعيّة تجريها الوزارة على أساس المعدّل الوسطي لسعر الطنّ عالميا في أسابيع ثلاثة سابقة، الامر الذي يعني بحسب الخبير الاقتصادي لويس حبيقة أنّ السعر في لبنان لا يتغيّر بنفس طريقة تقلّب السعر عالميا، لانّ المعادلة الحسابيّة تجري على احتساب معدّل السعر بثلاثة أسابيع وليس على اساس اسبوع واحد.
ويضيف حبيقة في حديث لـ"النشرة": "المعادلة بسيطة ولا يوجد أيّ "زعبرة" بالسعر في لبنان، فالامر يقوم على احتساب سعر البرميل عالميًّا، يُضاف اليه كلفة الشحن، التأمين، جعالة الشركات المستوردة، جعالة المحطّات، 5000 ليرة للدولة يُضاف اليها الضريبة على القيمة المضافة"، مشيرا الى أن "هذه الأمور هي التي تحدّد السعر، وبإمكان وزارة الطاقة اذا ما أرادت أن تغيّر المعادلة لتجعلها قائمة على أساس السعر الأسبوعي لبرميل النفط لا 3 أسابيع، إنما نحن لا نثق بالدولة وبقدرتها على تأمين مصلحة اللبنانيين، وخوفنا أن تتدخل فتجعل الأمر اسوأ علينا".
يكشف مستشار نقابة أصحاب محطّات البنزين في لبنان فادي أبو شقرا أن اختلاف الأسعار يتأتّى من اختلاف سعر الطنّ، إذ أنه لم يعد نفسه اليوم كما كان منذ سنوات، مشيرا في حديث لـ"النشرة" الى أن هذا السبب الاساسي لعدم التناسب بين أسعار البنزين في لبنان منذ 10 سنوات واليوم.
يشير أبو شقرا الى أنّ المحطات تنال 1600 ليرة عن كل صفيحة بنزين مهما كان سعرها، و500 ليرة عن صفيحة المازوت أيضا بغض النظر عن السعر، وتنال الشركات المستوردة للنفط 300 ليرة لبنانية عن كل صفيحة بنزين، فيصبح مجموع ما تتقاضاه الدولة حوالي 9 الاف ليرة عن كل صفيحة.
يؤكد حبيقة وقوفه ضد مبدأ تثبيت سعر صفيحة البنزين، مشيرا الى أنه سيكون سيئا على الدولة عندما ترتفع الأسعار وتصبح مُلزمة بتغطية الفروقات، وهذا ما لا تستطيع فعله، وإما سيكون سيئا على المواطن عندما تنخفض الأسعار ويُطلب منه الدفع أكثر، مشددا على أن العامل الأساسي في هذا الموضوع هو "الثّقة بالدولة"، مشددا على ان التجارب علّمتنا أن الدولة لم تضع يدها في شيء ونجحت فيه.
وعدت السعودية بتعويض النقص العالمي من النفط الإيراني بعد العقوبات الاميركيّة على الأخيرة، ما يعني أنّ اسعار النفط لن ترتفع كثيرا، بحسب حبيقة، مشيرا الى أن التعويض لن يكون بكبسة زر، وبالتالي من المتوقّع أن ترتفع الأسعار لفترة قبل أن تعود وتنخفض مجددا. من جهته يكشف أبو شقرا أنّ الأسابيع المقبلة ستشهد ارتفاعا اضافيًّا بالأسعار، حيث من المتوقع أن تصل الى حدود 30 ألف ليرة لـ20 ليتر.
يشكّل سعر البنزين همًّا مضاعفًا يضاف الى هموم المواطن، خصوصا بظل الأوضاع الصعبة التي يمرّ بها البلد، فهل تغيّر الدولة في واقع هذا القطاع عبر استعادة استيراد النفط عبر الأنابيب؟.